llll

Adsens

lundi 6 avril 2020

فيروس كورونا المستجد والنظرة إلى المصابين الجدد


بقلم: يوسف بوحامد كوتش مستشار
عندما يصاب شخص ما بالفيروس المعلوم ، لأسباب قد نعلمها أو لأسباب لا نعلمها ، ترى أصابع الإتهام موجهة إليه بالتقصير واللامبالاة وبأنه هو الوحيد من يتحمل مسؤولية ما أصيب به. فهل هذه النظرة التي نكونها عن هذا الشخص صحيحة أم أن الفكرة المكونة عنه وقع فيها خطأ ما وتحيز معين؟
من أكثر الأمور التي نقوم بها في حياتنا اليومية هو تقييم سلوكيات وأفعال الآخرين ، وقد صاغ علماء النفس الإجتماعي في سبعينيات القرن الماضي نظرية تتناول الموضوع وأطلقوا عليها اسم خطأ الإحالة الأساسي أو خطأ العزو الأساسي Erreur fondamentale d'attribution.
يمكن تلخيص الفكرة الرئيسية لهذا النوع من خطأ التفكير على النحو التالي : 
عند تقييم سلوك الآخرين فإنّنا نميل إلى المبالغة  في تقدير الأسباب الداخلية (مرتبطة بالشخص) وإلى الاستخفاف بتقدير الأسباب الخارجية (الظروف). 
ومن الأمثلة الشائعة : 

- إذا لم ينجح أحد الطلبة أو التلاميذ في امتحاناته فإننا نحيل ونعزو سبب عدم نجاحه إلى عوامل داخلية مرتبطة به كعدم الإهتمام بالدراسة مثلا ونقلل من قيمة عوامل أخرى خارجية مثل الظروف العائلية التي يمر بها مثلا .

- إذا فصل شخص من العمل فإننا غالبا نرد السبب إلى شخصه وشخصيته وقلة تجربته أو عدم انظباطه ، ونغفل عن الأسباب والظروف الخارجية التي صاحبت فصله من العمل مثل الوضعية التي تمر منها الشركة التي شغلته أو الظروف التي يمر بها هذا الشخص في حياته الإحتماعية...
  
-  التصريحَ السلبي الذي نطقه به زميلي في العمل غالبا ما سيفسر على أن شخصيته سلبية (المبالغة  في العوامل الداخلية) وليس إلى الموقف أو الظرف الذي صاحب هذا التصريح (الاستخفاف بالعوامل الخارجية).

- عند غضب الزوجة، مثلا في ظروف الحجر الصحي، يعزو ويحيل الزوج سبب الغضب إلى قلة صبر الزوجة مثلا  ( أسباب داخلية)  وليس إلى الضغط والظروف التي تصاحب الحجر الصحي ( أسباب خارجية). 
نجد ،إذن، أن الأمثلة عديدة من حياتنا اليومية، والبرجوع إلى السياق العام الذي تعيشه بلادنا من حظر للتجوال للسيطرة على انتشار الفيروس المعلوم فإننا نلاحظ ظاهرة بدأت بالتنامي مع ازدياد عدد المصابيب ، ألا وهي التشهير وتحميل المسؤولية والقذف بانعدام الضمير ( أسباب داخلية)  والتي تصل إلى حد السب والقدح بأشنع الأوصاف وكلها موجهة إلى شخص المصاب!

السؤال هنا: هل نحن على علم بالظروف التي أحاطت بالشخص عند إصابته إن كان هو أصلا على علم ؟!
إذا كان الجواب بالنفي أي أنك تجهل هذه الظروف فكيف تحكم  على أشخاص مصابين وتكيل لهم التهم ، وأنت وراء شاشة هاتفك أو حاسوبك ؟!
كيف ننظر إلى الشخص المصاب إذن؟ 
- اسأل نفسك : هل هذا الخبر من مصدر رسمي أم مجرد إشاعة ؟
- اسأل نفسك : هل أنا على المام ودراية وعلم بجميع الظروف الخارجية التي صاحبت اصابة الشخص؟
- اسأل نفسك : هل اصابة الشخص كانت من اختياره؟
- اسأل نفسك : هل أنا بعيد كل البعد عن الإصابة أيضا؟
عندما تجيب عن جميع هذه الأسئلة ، اسأل نفسك سؤالا أخيرا : من أنا كي أحكم على هذا المصاب؟